القهوة درع وقاية من سرطان الكبد وشلل الرعاش
لا تعتبر القهوة مشروباً منعشاً ولذيذاً للكثيرين من محبيها فحسب، بل إنها تقلل أيضاً من خطر الإصابة بالسرطان وبمرض شلل الرعاش. هذه هي مُحصلة دراسة يابانية جديدة حول تأثير هذا المشروب المحبوب رغم ما يُقال عن ضرره بالصحة.
لم ينجح الأطباء والباحثون في حقل علم التغذية بتحقيق إجماع مقنع حول تأثير وفعالية القهوة على الجسم. فالغالبية العظمى للدراسات الطبية في السنوات الأخيرة تناولت الأخطار التي يسببها الإسراف في شرب القهوة بصورة رئيسية، ولم تهتم بشكل حقيقي في تأثيراتها الإيجابية. وعلى الرغم من ذلك فإن نتائج الدراسة اليابانية الجديدة حول تأثير القهوة الفزيولوجي تصب في خانة الإيجابيات، فشربها المعتدل يقلل من خطر الإصابة بسرطان الكبد، ويهب شاربها نوعاً من الوقاية من مرض شلل الرعاش، مرض باركنسون.
أضرار لا ينبغي التغاضي عنها
لا ينبغي أن يؤدي اكتشاف آثار القهوة الإيجابية إلى نسيان أو تغاضي آثارها السلبية، لأن تناول كوبين من القهوة فقط يكفيان لرفع نسبة إنزيمات معينة في الدم تشير إلي الإصابة بالتهابات قد تؤدي إلى مضاعفات في القلب. في هذا السياق نجح أطباء إسرائيليون، بواسطة تجارب أجروها بجامعة تل أبيب خلال شهر أبريل / نيسان 2002، في التوصل إلى استنتاج مفاده أن شرب كوب قهوة واحد قبل النوم يسبب زيادة واضحة في إنتاج هرمون الميلاتونين المسئول فزيولوجياً عن تنظيم عملية النوم، وهو ما يؤدي إلى خلل واضح في عادات النوم ووظيفتها الحيوية للجسم. بالإضافة إلى ذلك يميل الرجال بصورة خاصة إلى العصبية الزائدة عند إفراطهم في شرب القهوة. ويحدث هذا الأمر عادة حين قيامهم بمهام تتسم بالأهمية وتتطلب وعياً بالمسئولية على غرار إلقاء خطاب أمام جمهور عام.
فوائد لا بد من التأكيد عليها
وعلى الرغم من الأخطار التي تحدق بشاربي القهوة، فإن فوائدها الكثيرة جديرة بالذكر. فريق بحث خاص في كلية الطب التابعة لجامعة هارفارد الأمريكية برهن تجريبياً على أن شرب أكثر من ستة أكواب من القهوة يومياً كفيل بالتقليل من احتمال الإصابة بمرض السكر المنتشر بشكل كبير، وذلك بنسبة تصل إلى 50%. ولكن المفاجأة الطبية الأكبر والأهم تكمن في اكتشاف تأثير القهوة الإيجابي على أعراض مرض باركنسون الناتج عن نقص في إفراز الناقل العصبي "الدوبامين". وقد نجح الأطباء الأمريكيون في المستشفى العام في ماساسوشت بفهم آلية تأثير الكوفئين، وهي المادة الفعالة في القهوة، عن طريق تجارب مخبرية قاموا بإجرائها على الفئران. فهو يساهم في تثبيت نسبة "الدوبامين"، المسئول عن توجيه وتنسيق جهاز الحركة الجسدية، في الدم. وهذا بدوره يؤدي إلى التخفيف من أعراض مرض باركنسون، وخاصة الرعشات المؤلمة التي تصيب المريض بشكل ملحوظ.
إعادة الاعتبار لأكثر المشروبات شعبية
تقول شتيفاني فيتسل أخصائية علم التغذية في برلين:"لدي انطباع بأنه يتم الآن إعادة تقييم واعتبار للقهوة". وبالرغم من هذا التطور فهي تحذر من سرعة التصديق بنتائج الدراسات الطبية الجديدة قائلة:"غالباً ما يتم إثبات النقيض من نتائج هذه الدراسات بعد فترة قصيرة من ظهورها". وما يتضح جلياً هنا هو عدم صحة الادعاء السائد بأن القهوة تضر بالصحة. حقاً، الدراسات الطبية الجديدة تساهم في فهم تأثير الكوفئين، ولكنها لا تملك القدرة على التعرف على كل المواد الفعالة في القهوة حتى الآن. التأثير المنعش والسريع للقهوة يعود بالدرجة الأولى إلى مادة الكوفئين التي تنشّط الجهاز العصبي اللاإرادي، وهو ما يؤدي إلى ازدياد طفيف في نبضات القلب وارتفاع في ضغط الدم ونسبة التعرّق. كما أنها تدر البول عن طريق تنشيط عمل الكلية. لهذا السبب تُعامل القهوة كمادة منشطة خفيفة التأثير، وخصوصاً عند الإفراط في شربها.
السر في الاعتدال
تنصح الجمعية الألمانية للتغذية بشرب القهوة بشكل معتدل. وتؤكد أنته غال المتحدثة باسمها:"من وجهة نظر طبية لا توجد أية تحفظات ضد شرب أربعة أكواب من القهوة يومياً". الجدير ذكره في هذا السياق هو أن تأثير القهوة على الجسم يبقى متبايناً من فرد لآخر، لذلك ينبغي على كل فرد التعرف على خصوصيات جسده لمعرفة ردود فعله و كيفية تأثير القهوة عليه. وبغض النظر عن نتائج الدراسات الطبية الجديدة حول تأثير القهوة يبقي الاعتدال قانون الطبيعة الخالد، وسر الحفاظ على الصحة، وهو ما حث عليه الطبيب الكبير ابن سينا قبل مئات السنين